أعطيت انطلاقة أشغال تمديد تهيئة كورنيش نهر أبي رقراق على ضفتي الرباط سلا استعدادا للتظاهرات الرياضية الدولية التي ستحتضنها عاصمة المملكة المغربية انطلاقا من كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وأيضا في إطار الدينامية التي تشهدها العاصمة خاصة والمغرب للنهوض بالبنية التحتية.
ويأتي هذا مشروع لتهيئة ضفتي واد أبي رقراق، قفزة نوعية لمدينتي سلا والرباط في المجال السياحي، ومتنفسا جديدا لعامة المغاربة عموما وساكنة الرباط وسلا على وجه الخصوص، من خلال إقامة مناطق مهمة للتنمية السياحية والتنشيط الثقافي والترفيه مشكلا بذلك قطبا للتنمية الحضرية، وفق تهيئة منسجمة تتلاءم ومؤهلات كل منطقة على حدة مع ضمان التوازن بين الضفتين فيما يخص البرمجة لمكونات التهيئة والمساهمة الكاملة في حماية الموارد الطبيعية للوسط البيئي.
المشروع الذي رصد له ميزانية بلغت 190 مليون درهم، ستستغرق أشغاله حوالي 14 شهرا، تنتهي قبل تنظيم المغرب لكأس أمم إفريقيا 2025، التي ستحتضن العاصمة الرباط، بعض من مبارياته المهمة.
ويشمل مشروع تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق الذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في السابع من يناير 2006 مشروعا ضخما له بعد وطني، وهو يمتد فوق مجال رحب تتعدى مساحته ستة آلاف هكتار، من المصب إلى سد سيدي محمد بن عبد الله، وله قيمة رمزية نظرا لموقعه الإستراتيجي وعمقه التاريخي، ويتيح هذا المشروع وضع عاصمة المملكة في المكانة التي يجب أن تحتلها بين المدن الكبرى لحوض البحر الأبيض المتوسط والغرب الإفريقي، كما أضفى مسحة من الحيوية والتميز لصورة الرباط وسلا.
واعتبارا للطابع الخاص والموقع الإستراتيجي لضفتي نهر أبي رقراق وقيمته الايكولوجية، فالمشروع الذي تسهر عليه وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق التي تم خلقها لهذا الغرض، عمل في دراساته المنجزة على الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الديمغرافية والتاريخية والتراثية والمادية والسوسيو اقتصادية والبيئية.
وقد ساهم هذا المشروع في إقامة مناطق مهمة للتنمية السياحية والتنشيط الثقافي والترفيه مشكلا بذلك قطبا للتنمية الحضرية، وفق تهيئة منسجمة تتلاءم ومؤهلات كل منطقة على حدة مع ضمان توازن واضح بين ضفتين، فيما يخص برمجة المكونات للتهيئة من أجل المساهمة في الحماية الأولية للموارد الطبيعية للوسط البيئي. كما مكن من حل المشكل العويص المتجلي في المواصلات الذي أرق ساكنة سلا والرباط وتمارة، حيث تم إحداث ثلاث قناطر جديدة تربط ما بين الرباط وسلا، بالإضافة إلى مشروع الترامواي الذي يلعب الدور الرئيسي في حل عديد الصعوبات في التنقل ما بين الرباط وسلا.
وتتوزع أجزاء المشروع على أربع مناطق، فهناك منطقة المصب التي تمتد من مصب النهر إلى قنطرة مولاي الحسن وهي مخصصة للأنشطة السياحية والترفيهية والصناعة التقليدية وخاصة الميناء الترفيهي الذي. ثم منطقة الربط الواقعة ما بين قنطرة مولاي الحسن وقنطرة السكة الحديدية وهي مخصصة لتجهيزات ثقافية ذات مستوى وطني وتجهيزات سياحية وترفيهية كالمسرح الكبير، أما منطقة الموقع الكبير لشالة فتوجد بين قنطرة السكة الحديدية والطريق الدائرية الحضرية رقم 2 وستستقبل عمليات لتنمية موقع شالة وإعادة تهيئة المقالع وحي الفخارين بالولجة لسلا، وتضم قصبة أبي رقراق ومحمية طبيعة ومتنفس للمدينة قرب شالة الأثري وبحيرة صناعية للترفيه والسياحة؛ في حين توجد منطقة السهل الزراعي بين الطريقين الدائرتين رقم 2 و 3 وستشكل فضاء لاستقبال مشاريع الترفيه والنزهات ”البانورامية” وأنشطة أخرى غير ملوثة بالضفتين، مثل المنتزه الكبيـر وبالقرب من بحيرة السهول فنادق ونادي للخيول وملعب خاص للجولف وحوض مائي ضخم يطابق شكل الحدائق المغربية العريقة.
لقد استطاع هذا المشروع الذي تشرف عليه وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، من خلال برنامج متكامل، تحقيق عدد كبير من أهدافه الأساسية، لاسيما تجهيز ضفتي النهر عبر تطهير مياه المجاري وتغيير المطارح العمومية المسببة للتلوث المؤثر على المياه الجوفية مع إغلاق مطرحي النفايات بالولجة وعكراش ، وصيانة المحيط البيئي للوادي ومناظره الطبيعية والبانورامية، من خلال احترام التوازنات الطبيعية وتهيئة الفضاءات الخضراء والمنتزهات على طول ضفتي النهر، إلى جانب إعادة هيكلة النقل العمومي بين مدينتي الرباط وسلا وتنمية البنيات الأساسية في مجال المواصلات.
كما ارتكز المشروع على تقسيم معماري ومجالي بين طراز عربي أندلسي للمدن العتيقة، وتصاميم هندسية ومعمارية عصرية لمنشآت جديدة وذلك بهدف تفادي أي مساس بالطابع التاريخي والحضاري للمدينتين العريقتين. وإلى جانب الاعتبارات التقنية، فقد سهر المشرفون على هذا الورش، على أدق التفاصيل المرتبطة بالمتدخلين، والتي يتطلبها العمل في موقع تاريخي حساس، باعتباره أحد المواقع التي تكتنز تاريخ المغرب، لأهميتها الكبيرة التي أولاها مخطط سير لأشغال الأوراش المتعلقة بالحفريات في ذات المواقع.
من جهة أخرى، حرصت الوكالة في إنجاز كافة البرامج المندرجة في إطار مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، على صون المآثر العمرانية وتثمين الموروث الثقافي العريق للعدوتين، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع تأهيل قصبة الأوداية الذي هم إعادة ترميم مختلف واجهاتها البحرية، وتلك المحاذية للمدينة القديمة وكذا أسوار باب البحر.